هل يجب على المسيحيين استخدام الاسم القرآنيّ ليسوع في الترجمات العربيّة للكتاب المقدس؟

ردًا على مقال مارتن عقّاد بعنوان “هل يصنع الاسم فرقًا؟ حجّة لاستخدام ’عيسى‘ في الترجمات العربيّة للكتاب المقدس”

يُطلِق القرآن على يسوع الاسم العربي “عيسى”، إلا أن المسيحيون الناطقون بالعربية يستخدمون اسمًا عربيًا مختلفًا، بُناءً على اسم يسوع العبريّ يشوع، للإشارة إلى الرب والمُخَلص: “يسوع”. وعلى مدى القرون، استخدم المسيحيون الناطقون بالعربيّة اسم يسوع وامتنعوا عن استخدام اسم عيسى، من ناحية للتأكيد على حقيقة أن الصورة القرآنية ليسوع (عيسى) مشوّهة من أوجه عديدة عند مقارنتها بصورة يسوع في الكتاب المقدس.

في السنوات الأخيرة، بدأ بعض الإنجيليّين بإعادة النظر في استخدام الاسم القرآني “عيسى” في ترجمات الكتاب المقدس العربيّة، وخاصة في بعض الترجمات الحديثة. نرى مثال على هذا الاتجاه الجديد في منشور المُدونة الأخير لمارتن عقاد على الموقع الرسمي لمعهد دراسات الشرق الأوسط (IMES) التابع لكليّة اللاهوت المعمدانيّة العربية (ABTS) ببيروت، لبنان. عقاد هو أستاذ مُشارك للدراسات الإسلامية في ABTS ومدير مؤسسة Action Research Associates بلبنان.

يُجَادِل عقّاد في مقالته “هل يصنع الاسم فرقًا؟ حجّة لاستخدام “عيسى” في الترجمات العربيّة للكتاب المقدس،” بأن استخدام الاسم القرآنيّ عيسى هو أمر مقبول بل ومُحبذ أيضًا.[1] فهو يقترح أن يستخدم المترجمين الاسم الإسلامي ليسوع ببساطة لأن “الخلاص في قوة شخص المسيح وليس في الاسم الحرفي يسوع أو ما يعادله.” فهو مقتنع بأن “الاسم القرآني ليسوع يمكن أن يلبّي الحاجة المعجمية للكنيسة.”

أريد أن أؤكد تقديري لعقاد كصديق وباحث؛ ورغم ذلك، سأعرض فيما يلي وجهة نظر مُضادة حول مسألة ترجمة اسم يسوع في الأناجيل العربية. وهذه مسألة مهمة وتهم المسيحيين بغض النظر عن مواقفهم منها، ولذلك آمل هنا أن أقدم اختلافي المتواضع والحازم مع موقف مارتن عقاد وأسباب ذلك.

عيسى: شخصية قُرآنيّة، وليست كِتَابِية

لإثبات حُجّته حول الثقة في دوافع مؤلّفو القرآن في اختلاقهِم لاسم عيسى، يَستند عقاد على مقالٍ من ويكيبيديا، ويعتبره “ممتازًا”، ولا يبدو أنه يُقدِّر الرأي المُوَحّد للمسيحيّين العرب، الذين لأكثر من أربعة عشر قرنًا، أبعدوا أنفسهم بشكلٍ قاطع عن الاسم القرآنيّ عيسى واستخدموا الاسم العربيّ يسوع. ولتوضيح المنطق الكامن وراء موقفه، يُلفِت عقاد انتباهنا إلى السؤال الشهير الذي طرحته جولييت ذات الأربعة عشر ربيعًا في مسرحية روميو وجولييت لشكسبير: “هل يصنع الاسم فرقًا؟” يقول عقاد أن جولييت “تصف بشاعريّة القضية التي في صميم تأملي [أي تأمل عقّاد] في هذا المنشور.” فيتساءل عقاد، إذا كانت جولييت لا تهتم بالأسماء، هل يجب علينا ذلك؟

ومن المفارقات، أنه في استشهاد عقّاد بكلمات جولييت، يتجاهل بشكلٍ كبير السياق المُحيط بها: فقصة شكسبير مأساة، تتمحور حول تصوير حُب روميو وجولييت على أنه ساذج وغير عمليّ. فصحيح أن جولييت تُلمِّح هنا إلى أن الأسماء غير مُهِمة، إلا أن السياق المباشر يُشير بشكلٍ قاطع إلى عكس ذلك، ويُقدمها على أنها غير ناضجة ومُخطِئة. فالحقيقة هي أنها لا تريد إعطاء أهميّة للأسماء، لكن الأسماء في الواقع مهمة.[2]

كثيرون، مثل جولييت، يُفضلون عدم وجود مثل هذه الفروق، ولكن هذا سيُثبت عدم النضوج والسذاجة. حتى أن البعض قد يُفضلون فَهمًا أُحاديًا عن يسوع عَبر الأديان: زاعمين أنه سواء كان عيسى أو يسوع، فإن الاسم لن يَهُمّ ما دام يُعَزَّز الحوار بين المسيحيين والمسلمين. ولكنّ الأسماء هي كلمات. والكلمات تَمْلُك قوة، ويمكن لها أن تكون خطيرة لأنها تحمِل معنى. لذلك يُعدّ سياقها ونطاقها ومضمونها مهمين فيما تنقُله.

من الواضح أن عقاد يُقَلِّل من شأن المَدلول القرآنيّ لاسم عيسى، كما لو كان “عيسى” مثل أي اسم عَلَم آخر يُطلق على يسوع–وهو مُحايد ومُرادف له. ولكن هذا الاسم هو بالأخص إسلاميّ وقرآنيّ بشكل صريح. هل يُمكننا استخدام اسم “عيسى” كما لو كأن مجرّد من دلالاته القرآنية؟ إنّي أشُك بشدة في أي ادعاء من هذا القبيل. إذا سمع المسلمون أو قرأوا عن “عيسى”، ما الذي يأتي على الفور إلى أذهانهم؟ بحسب القرآن:

عيسى ليس هو الله،

عيسى ليس ابن الله،

عيسى هو مُجرّد عبد الله ورسوله،

عيسى يُنكر الثالوث،

عيسى لم يُصلَب،

عيسى ما هو إلا بَشر، إلى آخره.[3]

بالتأكيد، ليس هذا هو المسيح الذي نُريد إظهاره للمسلمين في الترجمات العربيّة للكتاب الْمُقدّس. في حين أننا قد نتفق على أنه لا توجد حتمًا ميزة “سحرية” سواء إيجابية أو سلبية لوقع اسم “عيسى” أو “يسوع” على المسامع، ولكن تظل القضيّة متعلقة بأن الأسماء تَنقل حقائق مُعَيَّنَة؛ لأنه لا تَخْلُو أبدًا من السياق. تأتي الأسماء مُحَملة مسبقًا بالمعاني والدلالات والمعاني الضمنيّة. بدون شك، هذا المبدأ صحيح أيضًا في حالة اسم “عيسى”.

في الواقع، أن مثل هذه المفاهيم الإسلاميّة المُسبقة هي أحد الأسباب التي جعلت الغالبية العُظمى من الترجمات العربيّة للكتاب المقدس تتجنب اسم “عيسى” كترجمة لاسم “يسوع”. إن أقدم مخطوطة لدينا للعهد الجديد باللغة العربية، والتي يعود تاريخها إلى القرن الثامن، تَستخدم اسم يسوع.[4] وقد نتساءل لماذا لم يتبنَ المسيحيون الاسم القرآني عيسى، على الرغم من مرور أكثر من قرن في ذلك الوقت على سُكنى الإسلام والمسلمين للأراضي التي احتلوها. والسبب هو لأن الاسم يـأتي في سياق مُعَيَّن مع أصلٍ مُعَيَّن، ولهذا كان من المنطقي في هذا الجزء من العالم تَجَنُب استخدام اسم عيسى عند ترجمة العهد الجديد. فحتى مارتن عقاد يُقرّ قائلًا: “في معظم الترجمات العربيّة الكلاسيكيّة للعهد الجديد، اختار المسيحيون العرب كلمة يسوع.” وهذا الإقرار صحيح، بالرغم من أنه لا يزال يسعى إلى تقديم اسم “عيسى” كخيارٍ أفضل لمترجمي الكتاب المقدس في ظل السياقات الإسلامية.

وبعد إدراكه أن كلماته قد تدحض حُجَتُه، يُضيف عقّاد قائلًا: “لكن عندما انخرطوا مع الإسلام في نصوص حواريّة، استخدموا اسم عيسى دون تحفظ تقريبًا”. وللأسف، لم يدعَم عقّاد ادعاءه هذا بأي استشهادات فعليّة. فبحسب علمي، فإن استخدام المسيحيّين الناطقين باللغة العربيّة لاسم “عيسى” في النصوص التي تتعامل مع الإسلام أمر نادر للغاية، إن لم يكن معدومًا. في الواقع، في الجِدالات النصيّة بين المسلمين والمسيحيين، كان العديد من المسيحيين الناطقين بالعربية مُصِرين على استخدام اسم يسوع للتمييز بينه وبين عيسى القرآني، حتى في السنوات الأولى في صدر الإسلام. وسأكتفي هنا بمثالين للتوضيح.

بولس بن الرجاء (القرن العاشر الميلاديّ)

يُمكننا أن نتعلم من أحد مُسلمي العصور الوسطى الذي تحوّل إلى المسيحية، بولس بن الرجاء (تقريبًا 1020-950)، والذي كَتَب دفاعًا عن المسيحية ضد التُهم الإسلامية، بعنوان الواضح بالحق.[5]

فقد استخدم بولس دائمًا في كتابه اسم “يسوع” للإشارة إلى المسيح الذي يعبده المسيحيون، مقارنًا إياه باسم عيسى عند الإشارة إلى الصورة القرآنيّة المُشوّهة. تُرى هل كان بولس أقل اطلاعًا على دلالة الاسم؟ هل كانت الأسماء –يسوع وعيسى- مهمة لبولس؟ قد كانت كذلك بكل تأكيد.

الراهب جورجي (القرن الثالث عشر الميلاديّ)

وعلى نحوٍ مماثل، يمكننا التعلُّم من الراهب جورجي (من القرن الثالث عشر الميلادي)، وهو مسيحيّ مَلكَانيّ من سوريّا. وقد جاء عنه أنه ناقش ثلاثة فقهاء مسلمين في مَجلِس الخليفة، ولم يستخدم اسم “عيسى” قط في الحوار مع المسلمين حول الرب يسوع. استخدم جورجي بشكلٍ قاطع اسم يسوع أو السيد المسيح. في بعض الأحيان، وإكرامًا ليسوع، اتبع جورجي الاسم بعبارة تعظيم، “له المجد”.[6] ومِن ثَمّ، فإن هذا عكس ما يدّعيه عقّاد؛ فلم يستخدم المسيحيون “اسم عيسى دون تحفظ” في النصوص الحواريّة مع المسلمين.

يتعارض هذان المثالان مع ادعاء عقّاد بأن المسيحيين استخدموا “اسم عيسى دون تحفظ” في النصوص الحوارية مع المسلمين. أضف إلى ذلك، التقليد المُمتَد من نصوص المناظرات المسيحيّة الإسلاميّة في العصور الوسطى –والتي دعاها سيدني جريفيث نصوص “الراهب في مجلس الأمير”– والتي أصر المسيحيون فيها على استجلاء الصورة القرآنية الخاطئة لعيسى، ومقارنتها بصورة يسوع التي في الكتاب المقدس.[7]

وبالتالي، فإن الأسماء جوهريّة. ولأننا يجب أن نَبذل قصارى جهدنا لتوصيل الإنجيل بشكلٍ واضح وصحيح وفعّال للمُسلمين، فتلك النِقاط التفصيلية هي ذات أهميّة قصوى، وعلينا أن نُدرك أن اسم “عيسى” يشير صراحة إلى التصوّر القرآنيّ عن المسيح. يُخبرنا الكتاب المقدس أن الملاك جبرائيل، حين تنبأ عن يسوع، قال ليوسف عن مريم العذراء: “فستَلِدُ ابنًا وتَدعو اسمَهُ يَسوعَ. لأنَّهُ يُخَلِّصُ شَعبَهُ مِنْ خطاياهُمْ” (مَتَّى 1: 21). فالأسماء المُحدَدة جوهريّة. في الواقع، يؤكد كل من العهدين القديم والجديد مرارًا وتكرارًا على وجود معنى ومغزى من استخدام اسم معين.[8] وبالتالي، فمن الطبيعيّ والملائم أن يستحضر الاسم القرآني ليسوع التحيز وأن يحمل معه ثِقل احماله اللاهوتية الخاصة به. فلا يُمكنُنا فَصل اسم عيسى عن مصدره.

الاعتراف الإسلاميّ باسم “يسوع”

إن المشكلة الرئيسيّة في مقال عقّاد هو ارتكاز حُجَته الأساسية على ادعاء أن يسوع “هو اسم غير مُعترَف به إلى حدّ كبير من قِبَل الإسلام.” وإذا قَبَلنا بصحة هذه الفرضيّة، يكون بذاك المسيحيون الناطقون بالعربيّة يستخدمون اسمًا غامضًا (أي يسوع) لعدة قرون، وأن المسلمون لم يفهموا الكلمة مُطلَقًا. ولذلك، كما يقول عقّاد، يتعيّن علينا تغيير المسار واستخدام اسم عيسى. إذا كان ذلك صحيحًا، لكانت وجهة نظر عقّاد وجيهة؛ ولكن، تُشير الكثير من الأدلة بدقةٍ إلى الاتجاه المُعاكِس. فقد اعترف المفسرون والمؤرخون والفقهاء المسلمون، منذ البدايات الأولى للإسلام، بأن اسم يسوع هو الاسم الذي تبناه المسيحيون الناطقون بالعربيّة للإشارة إلى المسيح.

  • فقد ذَكَر مقاتل بن سليمان (المتوفي عام 767)، وهو أقدم مُفسّر للقرآن، اسم يسوع صراحة ثلاث مرات، واصفًا يسوع بأنه الإله الذي يعبده المسيحيين.[9]
  • المؤرخ المسلم وكاتب السيرة ابن النديم (المتوفي حوالي عام 995م) أقر بوضوح باسم يسوع.[10]
  • يُشير العالِم المسلم الأندلسي الشهير ابن حزم (المتوفي عام 1064) إلى المسيح بحسب الإنجيل باسم يسوع.[11]
  • كتب الفقيه المسلم أبو الفتح الشهرستاني (المتوفي عام 1153م)، والذي كان معروفًا كخبير في المذاهب الدينيّة والفلسفيّة، عن المسيحيين الذين يؤمنون أن يسوع (وليس عيسى) هو الابن الوحيد للآب.[12]
  • بعد الشهرستاني بأجيالٍ قليلة، أشار الفقيه المُسلم الشهير والمُفسِّر أبو عبد الله القرطبيّ (المتوفي عام 1273) مرات عديدة إلى يسوع على أنه اسم المسيح الذي يعبده المسيحيون.[13]
  • وأقر الفقيه المسلم الشهير ابن تيمية (المتوفي عام 1328) بأن يسوع هو عيسى لدى المسيحيين.[14] فلم يستخدم ابن تيميّة الاسم القرآنيّ عيسى اطلاقًا، عندما كان يتحدّث عن المسيحيين.
  • كما أقر ابن قيّم الجوزيّة (المتوفي 1350 عام) باسم يسوع، وكذلك ابن خلدون (المتوفي عام 1406) الذي أشار صراحة إلى يسوع لدى بالمسيحيين.[15]

كل هذه الأمثلة الخاصة بالعلماء المسلمين ليست الاستثناء؛ بل يوجد غيرها الكثير.[16] فجميعها تُعارِض بقوة ادعاء عقّاد بأن اسم يسوع “هو اسم غير مُعترَف به إلى حدّ كبير من قبل الإسلام”، وتثبُت عدم صحته –أو في أحسن الأحوال، افتقاره للدعم.

في الواقع، من الجدير بالملاحظة أنه حتى عُلماء الكلام المسلمون والمدافعون عن الإسلام القدماء لم يتحاشوا التمييز بين عيسى القرآني ويسوع الذي يعبُده المسيحيين.

  • في نقده للمسيحية وأصولها ومعتقداتها، استخدم القاضي والمٌدافِع المُسلِم الشهير عبد الجبار الهمذاني (المتوفي عام 1025) اسم يسوع مرارًا وتكرارًا للإشارة إلى العقيدة المسيحيّة ببنوة يسوع للآب.[17]
  • اتهم صالح الهاشمي (المتوفي عام 1270) المسيحيين بتحريف الإنجيل عند إشارته إلى يسوع الذي يعبدونه.[18]
  • في محاولته لإثبات انتصار الإسلام على المسيحية، يذكُر نجم الدين الطوفي (المتوفي عام 1316) اسم يسوع صراحةً، ويُقدِّم تفسيرًا حول لماذا يستخدم المُسلمون اسم عيسى بدلًا من يسوع.[19] وفقًا لكلام الطوفي، تفضيل اسم عيسى هو اختيار إسلامي بحت وليس اختيارًا اعتباطيًا. فهو يدّعي أن العرب يطلقون على يسوع اسم “عيسى” على الرغم من أن اسمه في الإنجيل هو “يسوع”، لأنهم قاموا بتغيير ترتيب حروف الاسم العربيّة من “يسوع” إلى “عيسى”.[20]

واضح من هنا، أن اسم “عيسى” قاصرًا على الإسلام بشكلٍ صريح.[21]

من المُهم أن نذكر أنه لم يستخدم المدافعون المسلمون القدماء فقط اسم يسوع للإشارة إلى المسيح الذي يَعبُدُه المسيحيين، ولكن اتبع المدافعين المعاصرين نفس النهج: فقد استخدم العلماء المسلمون أمثال محمد أبو زهرة (المتوفي عام 1974)، ومحمد البهيّ (المتوفي عام 1981)، وأحمد عبد الغفور عطار (المتوفي عام 1990)، محمد الغزالي السقا (المتوفي عام 1995)، وعبد الرحمن الدمشقي (المتوفي عام 2004) جميعهم اسم يسوع في حديثهم عن المسيحية.[22]

نقطة أخيرة في هذا الصدد، في عام 1907، قام المُفكّر الإسلاميّ المُحافظ الشهير محمد رشيد رضا (المتوفي عام 1935) بتقديم الدعم والإشراف لنشر الإنجيل الإسلامي المزور، المعروف باسم “إنجيل برنابا”. قام رضا بتمويل ترجمته إلى العربية، حيث استخدم اسم يسوع بدلًا من عيسى. إن اختيار رضا يُنذرنا: حتى في مشروع إسلاميّ كهذا لترجمة إنجيل مزوّر يسعى إلى تعزيز الادعاءات الإسلاميّة، أدرك المسلمون أن يسوع هو الاسم الذي استخدمه المسيحيون الناطقون بالعربية.[23]

تَثبُت تلك الأمثلة أن العلماء المسلمين، والأئمة، وعلماء الكلام، والمدافعين عن الإسلام قد اهتموا بالتمييز ما بين الصورة القرآنية والإنجيليّة عن المسيح–وكذلك ينبغي علينا أن نفعل.

أخيرًا، يتعين علينا أن نتحدّى ادعاء عقاد الجريء والخاطئ أيضًا والقائل: “لم يكن لمؤلف القرآن أيّ نوايا جدلية في اختياره لاسم المسيح.” كيف يُمكن أن يكون ذلك صحيحًا؟ ليُقرر كل قارئ مُنصِف للقرآن ذلك بنفسه، ولكن بالنسبة لي، هذا الادعاء مرفوض. حتى وإن استبعدنا تأكيدات القرآن العديدة المغلوطة حول المسيح والاتهامات الموجهة إليه، فكيف يُمكن لعقّاد معرفة نوايا محمد أو أي مؤلف آخر للقرآن؟ كيف يمكن للمرء أن يستنتج النوايا الكامنة وراء اختيار الكلمات في نصٍ قديم؟ لا يمكن إثبات ذلك، وتُشير أسئلتي البلاغيّة هنا إلى أننا نلجأ إلى مجرد التخمين، الذي يمكن، للأسف، أن يؤدي إلى عواقب لاهوتيّة وعمليّة ضخمة. كدارسين للنصوص، نتعلّم الامتناع عن تحديد الدوافع، لأنه في حالة عدم وجود دافع مؤكَّد للمؤلف، فإنه يظِل غير مؤكّد.

استخدام عيسى في الكُتُبِ الْمُقَدَّسَةِ يُعزز من شِكوك المسلمين

من المهم تقديم تحذير أخير حول استخدام اسم عيسى في الترجمات العربيّة للكتاب المقدس. قد يوفر استخدام اسم عيسى في الأناجيل فرصة أخرى للتهم الإسلامية بتحريف الكتاب المقدس. فالمسلمون بالفعل يُشيرون إلى الترجمات المختلفة ويدّعون أن المسيحيين لا يستطيعون حتى الاتفاق على اسم مسيحهم. يُقدر المسلمون قرآنهم، وينظرون إليه على أنه الكتاب السماويّ الوحيد المُنزّه عن التحريف، ويزعمون –بلا صدق أو صحة – أن جميع النسخ العربية للقرآن لا تختلف عن بعضها. ولا يُمكِن للمسيحيين التقليل من شأن هذه النظرة الإسلامية للكتاب المقدس.

في عام 2003، أثناء زيارتي إلى شمال أفريقيا، التقيت شيخًا مُسلمًا. وما إن أدرك أنّي مسيحيّ، بدأنا نتحدّث عن يسوع. استخدمت في نقاشنا الاسم القرآني عيسى، أوقفني الشيخ وقال، “لكنكم تدعونه يسوع، وليس عيسى! لماذا تستخدم اسمنا القرآني؟ أتُحاول خداعي؟” كان رده مُفاجئًا، وله تأثيرات هامة على نقاشنا الحالي.

لدى المسيحيين والمسلمين اختلافات جذريّة في وجهات نظرهم حول المسيح. هذه الاختلافات حاسمة للغاية. ولأننا–مسيحيين ومسلمين على حدٍّ سواء– نُدرِك هذه الاختلافات، فلا يصح لنا إقحام مصطلحًا قرآنيًا مُذخّر مُسبقًا بكل ما يتضمنه من افتراضات ومعتقدات فقهيّة داخل ترجمات الكتاب المقدس. الأمر الذي لا يؤيده السواد الأعظم من مسيحيو الشرق الأوسط، ويستخدمها المسلمون كدليل على التحريف أو التضليل.

على مدار العامين الماضيين، قمت بفحص عِدّة نصوص عربيّة مسيحيّة التي كتبها اللاهوتيون والمفكرون في العصور الوسطى الذين تفاعلوا مع الإسلام في ظِل الخلافة الإسلاميّة. لم أجد ولا مرة واحدة فيها يدعو مسيحيًا متكلمًا باللغة العربية يسوع “عيسى” وهو يتكلم مع شخص مسلم، سواء في مناظرةٍ أو نقاشٍ لاهوتيّ. سأستمر في البحث، ولكن ربما يتعلق ذلك بما اختبرته كقبطي نشأ في مصر: يصر الأقباط على دعوة المُخلّص يسوع، وليس عيسى. يبدو أنهم يريدون تمييزه عن الصورة المشوّهة ليسوع في القرآن والمعروف باسم عيسى. ربما يُقدم أُسلوب الأقباط مثالًا جيدًا للكنيسة اليوم: يجب أن نصنع معروفًا لأنفسنا وأن نرفض سذاجة جولييت وعدم نضجها. إن تجربتي كقبطي لا يجب اعتبارها الاستثناء. لأن هذا هو حال جميع المسيحيين الناطقين بالعربيّة في اثنين وعشرين دولة عربيّة، وخاصة أولئك الذين يعترفون بالمسيحيّة كديانة لهم. لا تكمن المشكلة في الأسماء “عيسى” أو “يسوع”، بل تكمن في المعنى من وراء الأسماء للمتحدث والمُتلقيّ.[24]

عواقب استخدام اسم عيسى بدلًا من اسم يسوع

على سبيل الجِدال، إذا سلَمنا بفرضيّة عقّاد الخاطئة بأن اسم يسوع “غير مُعترَف به إلى حدّ كبير من قبل الإسلام” –أيًا كان ما يُعنيه ذلك- فهل يتعين علينا بالتالي افتراض أن اسم “يسوع” غير مُعترف به من قِبَل المسلمين اليوم؟ بالطبع سيكون الجواب بالنفي. لقد زُرْت مُعظَم البُلدان الناطقة بالعربية وعشت في العديد منها – في الواقع لقد ولدت وترعرعت في مصر– ولم أقابل مطلقًا مُسلمًا لا “يَعتَرِف” باسم يسوع كالاسم المسيحيّ العربيّ للمسيح. يبدو أن مقال عقّاد يتجاهل واقع اليوم، ويُقدم ادعاءات خاصة بعصر ما قبل الإنترنت. تفترض مقالته أن مسلمي اليوم ليسوا ذوو دراية أو عقلانيّة كافية للتعرف على اسم يسوع، الذي يستخدمه المسيحيون الناطقون بالعربيّة في جميع أنحاء العالم. ولكن بكل صراحة، إن مسلمي اليوم في العالم العربي ذوو دراية كافية للتعرّف على اسم يسوع، لكنهم لا يعتزون إلا بعيسى الخاص بهم.

على نقيض الصورة التي يُظهَرُها مقال عقّاد، فإن أغلب المسلمين –وخاصة في العالم العربيّ- يتسمون بالذكاء واليقظة اللاهوتية بشأن الاختلافات الدينية. إنهم على دراية تامة بكلا المصطلحين، عيسى يسوع. يُمكنهم التمييز بينهما، ويعرفون بالتأكيد أهمية كلا منهما! عندما يستخدم المسيحيون اسم عيسى، ينزعج بعض المسلمين، لأنهم يُقدّرون الاسم القرآني ويقدسون أصله وسياقه. إن أملي أن يتمسّك جميع المسيحيين بتفرد يسوع الكتاب المقدس، كما يفعل المسلمون بعيسى القرآنيّ.

لقد قدمت عددًا من المخاوف التاريخية واللاهوتية حول مقال عقّاد، ولكن المسألة الرئيسية التي يجب أن نتحقق منها هي صلة ذلك بالكنيسة في الشرق الأوسط، وبالأخص في لبنان حيث موطن عقاد. ماذا يقول المسيحيون الناطقون بالعربية في لبنان عن استخدام عيسى ويسوع؟ وعلى نفس القدر من الأهمية، ماذا يقول المسيحيون من خلفية إسلاميّة عن استخدام عيسى في الترجمات العربيّة للكتاب المقدس؟ هل هم مُقتنعون وراضون باستخدام عيسى في النص الكتابيّ وفي عبادتهم للمسيح؟ بما أن مقال عقاد قد كُتب ونُشِر في كلية معمدانية كبرى للاهوت (تَخدِم الكنيسة) في لبنان، فما رأي المسيحيين اللبنانيين فيه؟ هل يعكس ذلك المقال احتياجاتهم وخدمتهم وخبراتهم؟ من المهم التشاور مع هؤلاء الأصدقاء اللبنانيين، لأن سياق المقال مهم. لقد وعظت لسنوات عديدة في كنائس إنجيليّة وكاثوليكيّة وأرثوذكسية في لبنان. ودرست مرتين في ABTS. ولذا، فالكنيسة اللبنانيّة تعني لي الكثير.

لن أتظاهر بتقديم أي نوع من البحث الكميّ الشامل هنا. ومع ذلك، فإن بعض الأمثلة الواقعيّة ستفي بأغراض هذا المقال البسيط:

  • تناقشت مع ثلاثة قسوس إنجيليين لبنانيين حول هذا المقال، وسألتهم عن آرائهم. لم يوافق أي منهم على محتوى هذا المقال. تساءل أحدهم ما هو تأثير مِثل هذه النظرية على المؤمنين اللبنانيين الذين يربحون مسلمين للمسيح دون أن يتورطوا في فلسفات لا علاقة لها بالموضوع وحُجج مُعقّدة. بالرغم من أنني لا أؤيد بالضرورة ما يُصِر عليه هذا القس، ولكن أرى أن كلماته تصِف وجهات نظر هامة لا يُمكن غض الطرف عنها ببساطة.
  • وقد كان قسًا لبنانيًا آخرًا أكثر وضوحًا. كان يقود ذلك القس كنيسة تضم المئات من المسلمين الذين قبلوا المسيح. سألته عن رأيه في مقال عقّاد. قلت، “هل تقبل الاقتراحات الواردة فيه؟” بعد ما تنهد كثيرًا، أعرب القس عن عدم رغبته بأي ارتباط بهذه الادعاءات، أو بأي مكان يتبنى تلك الادعاءات. وبالرغم من أنني لا أؤيد بالضرورة آراء هؤلاء القسوس، إلا أنها مهمة لنقاشنا الحالي. إذا كانت إحدى كليات اللاهوت “تعزف لحنًا” لا ينسجم مع احتياجات الكنيسة المحلية، فيجب أن يكون ذلك مُقلقًا للغاية.
  • كما أني سألت صديقيّ محمود وعليّ –وكلاهما جاء للمسيح من خلفيّة إسلاميّة–عما إذا كانوا سيفضلون رؤية اسم عيسى أم يسوع في كُتُبهم المقدسة وما إذا كانوا سيشعرون بالارتياح عند تسبيحهم ليسوع أم لعيسى في خدمة يوم الأحد في كنيستهم. كان ردهم صريحًا وواضحًا: “بالطبع، يسوع!” عندما سألتهم عن السبب، قالوا بحزمٍ: “لقد تخلينا عن دينٌ باطلٌ، ولا نُريد أن نحمل على اكتافنا مِتاع الإسلام.” وتابعوا قائلين، لماذا يُقدّم بعض المسيحيين أفكارًا مروعة كهذه؟” لكن لم يكن لديّ إجابة.

حتى يتسنّى لأطروحة عقّاد حول استخدام عيسى في الأناجيل العربيّة أن تثبت، يجب أن يُجَرّد الاسم من أي تلميح لارتباطه بالمجادلات الإسلاميّة ضد المسيحيّة. على الرغم من سعيه إلى طمأنة قرائه بأن اسم عيسى محايد إلى حد كبير وليس محل جدل، ولكن بمعنى آخر، يحتاج عقّاد إلى تنقية ما يحمله اسم عيسى، من أجل إقناع المسيحيين بقبول فكرته وتبنيها بسلاسة. وكما هو الحال، إذا أدرك المسيحيون أن الاسم القرآني عيسى هو في الأساس جدال ضدهم وضد إيمانهم، فلن يستخدموه أبدًا في ترجمات الكتاب المقدس.

كُتِبَ مقال عقاد ونُشِرَ على الموقع الرسمّي لكلية لاهوت لُبنانية كُبرى تسعى لخدمة –آمل أن يكون هذا هو هدفها الأول والرئيسيّ– الكنيسة المحليّة في لبنان والنطاق الأوسع من الشرق الأوسط. يتعلّق هذا بشكلٍ مباشر بالسؤال حول “الأهمية للكنيسة”. قد يتساءل المرء، عند نشر وتأييد مقال مثل هذا، هل تعكس هذه الكليّة وتستجيب لاحتياجات الكنيسة المحلية بلبنان والشرق الأوسط على النطاق الأوسع؟ ونظرًا لأن كليّة اللاهوت المعمدانيّة العربية (ABTS) هي مؤسسة تدريبية تُقدر الحرية الأكاديمية، نأمل أن تعطي فرصة متساوية لوجهة النظر المعارضة، لا سيما بالنظر إلى أن المسيحيين اللبنانيين والشرق الأوسط بشكل عام لا يَدعمون فرضيّة عقّاد.

الخاتمة

باختصار، عليّ أن أنصح المترجمين بتجنب استخدام اسم عيسى في الترجمات العربيّة للكتاب المقدس. فأمور هامة هي على المحك في هذا النقاش. يُمكننا أن نشكر مارتن عقّاد على لمساهمته في هذا النقاش الهام. ومع ذلك، بحسب رأيي، فإن الاستنتاجات التي علينا التوصّل إليها تتعارض تمامًا مع تلك التي يُقدِمها عقّاد. تُثمر الكلمات والأسماء عواقب للاهوتيّة. ويوجد ثِقَل للكلمات بسبب ما تعنيه للمُتلقي والراسِل. إن اسم “عيسى” ليس مُحايدًا. إن اسم “عيسى” يَتَلقّى، ويحمِل، وينقل تأثير دينيّ عظيم–تأثير النص القرآني وما يقرب من اثني عشر قرنًا من التفاسير عن الشخص الذي عبده المسيحيون على مدى ألفي عام. يفهم جميع المسلمين، وليس الأغلبية فقط، كلمة “عيسى”، على أنها تُمثِل عبدًا حقيقيًا لله –وهو مجرد نبي يُنكر مساواته لله بشكل لا لبس فيه ويصف أتباعه بالكافرين إذا وصفوه بالإله. هل يتعرف أي مسيحي على الشخص الذي نتحدث عنه هنا على أنه يسوع، كما هو موصوف في الكتاب المقدس؟ أتمنى ألا يكون كذلك، لأنها صورة مشوهة للمسيح مرتبطة ارتباطًا وثيقًا في أذهان المسلمين باسم عيسى.

قد يؤدي تبني عيسى القرآني في ترجمات الكتاب المقدس إلى ارتباك وتضليل للمسلمين للإيمان بيسوعٍ آخر. وينتهك الدفع بالمصطلح القرآني “عيسى” الحكمة اللاهوتية والسابقة التاريخية التي نشأت داخل الكنيسة على مر القرون. يُغازل الناس سوء الفهم التاريخيّ ويخطئون عن غير قصد في فَهم الخصائص اللاهوتيّة الحرجة التي تُشكل خطرًا روحيًا كبيرًا.  أُناشد مترجمي الكتاب المقدس في السياقات الإسلامية ألا يتبنوا اسم عيسى في أعمالهم. قد يؤدي القيام بذلك إلى ارتباك وتضليل المسلمين من خلال توجيههم إلى يسوع آخر غير المولود الوحيد من الآب.

[1] Martin Accad, “What’s in a Name?: A Case for Using ‘Isa in Arabic Translations of the Bible,” published on May 27, 2021, at https://abtslebanon.org/2021/05/27/whats-in-a-name-a-case-for-using-isa-in-arabic-translations-of-the-bible/.

هذا الرد هو جزء من فصل مُطوّل من كتابي القادم حول ترجمات الكتاب المُقدّس في السياق الإسلامي، والمتوقَّع نشره عام 2022، والذي شارك في تحريره اللاهوتيّ Ant Greenham. وإني لمدين للعديد من الزملاء الموقرين الذين قرأوا مسودة هذا المقال وقدموا لي مُلاحظات قيّمة. شكر خاص للدكتور عماد شحادة، ديفيد جونستون، مايك كون، وبرنت نيلي.

[2] يتحدث هارولد بلوم، في كتابه عن شكسبير، عن عدم نُضوج الحب الذي تُصوّره القصة ويصفه بأنه “رؤيا لحب متبادل عنيد ينهار بسبب مثاليّته…” (89). أنظر

Harold Bloom, Shakespeare: The Invention of the Human (New York: Fourth Estate, 1999).

Harold Bloom, Possessed by Memory: The Inward Light of Criticism (New York: Knopf Doubleday Publishing Group, 2020), 147–149.

[3] لدراسة المزيد عن صورة يسوع المشوّهة في القرآن، اقرأ:

Ayman S. Ibrahim, A Concise Guide to the Quran (Grand Rapids: Baker Academic, 2020), 108–115; Ayman S. Ibrahim, “Who Makes the Qur’an Valid and Valuable for Insiders? Critical Reflections on Harley Talman’s Views on the Qur’an,” in Muslim Conversions to Christ: A Critique of Insider Movements in Islamic Contexts, ed. Ayman S. Ibrahim and Ant Greenham (New York; Bern: Peter Lang, 2018), 139ff.

[4]  Vatican Arabic MS 13, Biblioteca Apostolica Vaticana.

للمزيد حول هذا المخطوط، انظر:

Sidney Harrison Griffith, The Bible in Arabic: The Scriptures of the “People of the Book” in the Language of Islam (Princeton: Princeton University Press, 2013), 97ff; Hikmat Kashouh, The Arabic Versions of the Gospels: The Manuscripts and Their Families (Berlin: De Gruyter, 2011), 34–35, 133–167.

أنا ممتن للدكتور عماد شحادة لشرحه لي السمات المختلفة لهذه المخطوطة، حيث أنه قام بدراستها لمدة أربع سنوات أثناء دراسات ما بعد الدكتوراه التي قام بها في جامعة ادنبره.

[5] انظر هذه الأعمال الأكاديميّة الهامة:

David Bertaina, “Būluṣ ibn Rajāʾ on the History and Integrity of the Qurʾan: Copto-Islamic Controversy in Fatimid Cairo,” in Arab Christians and the Qurʾan from the Origins of Islam to the Medieval Period, ed. Mark Beaumont (Leiden: Brill, 2018), 174ff; Mark N. Swanson, “Būluṣ ibn Rajāʾ,” in Christian-Muslim Relations: A Bibliographical History, Volume 2 (900–1050), eds. David Thomas and Alex Mallett, et al (Leiden: Brill, 2010), 541ff.

[6] انظر كتابنا القادم الذي سيُنشَر عام 2022 والذي ندرس فيه أكثر من 35 مخطوطة من مخطوطات الحوار الإسلامي المسيحي المُبكّر، ونُحلل نصوصها، مع تقديم نقد نصيّ وترجمة إنجليزيّة حديثة لتلك المخطوطات:

Ayman S. Ibrahim and Clint Hackenburg, In Search of the True Religion: Monk Jurjī and Muslim Jurists Debating Faith and Practice, Arabic Critical Edition and English Translation (NJ: Gorgias Press, forthcoming 2022).

[7] See Sidney Griffith, “The Monk in the Emir’s Majlis,” in The Majlis: Interreligious Encounters in Medieval Islam, eds. Hava Lazarus Yafeh et al. (Wiesbaden: Harrassowitz, 1999), 13–65.

[8] يُقدِّم عالِم اللاهوت الشرق أوسطيّ عماد شِحادة، رئيس مؤسسة الدراسات اللاهوتيّة الأردنيّة، أمثلة كثيرة في هذا الصدد. انظر عماد شحادة، الله معنا ومن دوننا: الحتميّة والجمال والقوّة للوحدانيّة بثالوث مقابل الوحدانيّة المُطلَقَة (لُبنان: دار منهل الحياة، 2020)، الفصل 12، بعنوان، “أهمية اسم ’الآب‘ واسم ’الابن‘”

[9]  مقاتل بن سليمان، تفسير مقاتل، تحرير، عبد الله محمود شحاتة (5 مجلدات؛ بيروت: دار إحياء التراث، 1423/2002)، 5:211.

[10] ابن النديم، كتاب الفهرست، تحرير، إبراهيم رمضان (بيروت: دار المعرفة، 1997)، 39:1، 409.

[11] ابن حزم، الفصل في المِلل والأهواء والنِحَل (3 مجلدات؛ القاهرة: مكتبة الخانجي، غير معروف)، 52:1، 9:2.

[12] أبو الفتح الشهرستاني، كتاب المِلَل والنِحَل، (3 مجلدات؛ سوريا: مؤسسة الحلبي، غير معروف)، 28:2.

[13] أبو عبد الله القرطبي، الإعلام بما في دين النصارى من المفاسد والأوهام واجتهار محاسن دين الإسلام، تحرير، أحمد حجازي السقا (القاهرة دار التراث العربي، غير معروف)، 462:1، 463.

[14] تقيّ الدين ابن تيميّة، الجواب الصحيح لمن بدّل دين المسيح، تحرير علي بن حسن بن ناصر (7 مجلدات؛ الرياض: دار العاصمة للنشر والتوزيع، 1419/1999)، 342:1، 12:2، 228:3، 51:5.

[15] ابن قيم الجوزية، هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى، تحرير محمد الحاج (جدّة: دار القلم، 1416/1996)، 342:1، 488:2 إلخ؛ ابن خلدون، مقدّمة، تحرير سهيل زكار وخليل شحادة (8 مجلدات؛ بيروت: دار الفكر، 1421/2001)، 418:5.

[16] انظر أيضًا ابن يحيى البلاذري (المتوفي حوالي 279/892)، أنساب الأشراف، تحرير سُهيل زكار ورياض الزركلي (13 مجلد؛ بيروت: دار الفكر، 1417/1996)، 69:7؛ ابن حجر العسقلاني (المتوفي حوالي 852/1448)، الإصابة في تمييز الصحابة، تحرير عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد معوض (8 مجلدات؛ بيروت: دار الكتب العلمية، 1415/1995)، 446:1، 258:5، 221:7.

[17] عبد الجبار الهمذاني، تثبيت دلائل النبوّة (2مجلد؛ القاهرة: دار المُصطفى، غير معروف)، 93:1، 121، إلى آخره.

[18] صالح الهاشمي، تخجيل من حرف التوراة والإنجيل، تحرير محمود عبد الرحمن قدح (2 مجلد؛ الرياض: مكتبة العبيكان، 1419/1998)، 126:1، 129، إلى آخره.

[19] انظر نجم الدين الطوفي، الانتصارات الإسلاميّة، تحرير أحمد السقا (القاهرة: مكتبة النافذة، غير معروف)، 52:1، 91، 131.

[20] انظر الطوفي، الانتصارات الإسلاميّة، 131.

[21] قد يقول الناقد: “ولكن ماذا عن كلمة ’الله‘ كمصطلحٍ عربيّ للإشارة إلى الإله الذي يعبده المسيحيين؟” جوابي هو أن الكلمة العربيّة “الله” مختلفة تمامًا عمّا يُناقَش هنا في هذا المقال. فهو مُصطلح يعود إلى ما قَبل الإسلام. فقد استخدمها المسيحيون واليهود الناطقون بالعربيّة قبل ظهور الإسلام، وقد تبنّى القرآن ذلك المُصطلح. ولكن بعكس اسم “عيسى”، فلإن اسم “الله” لم يكن مصطلحًا إسلاميًا حصريًا أو قرآنيًا بشكلٍ واضح. لقد استخدم المسيحيون كلمة “الله” لقرونٍ عديدة، لكنهم كانوا دائمًا ممانعين لاستخدام “عيسى”.

[22] انظر محم أبو زهرة، محاضرات في النصرانيّة (القاهرة: دار الفكر العربي، 1381/1966)، 24، 26، 27، 28، إلى آخره؛ محمد البهي، الفكر الإسلامي الحديث (القاهرة: مكتبة وهبه، غير معروف)، 45، 394؛ أحمد عبد الغفور عطّار، أصلح الأديان للإنسانية (مكة: غير معروف، 1400/1980)، 70–79؛ محمد الغزالي السقا، قذائف الحق (دمشق: دار القلم، 1411/1991)، 49–56؛ عبد الرحمن الدمشقيّ، أجنحة المكر (دمشق: دار القلم، 1420/2000)، 185–186. هذه الكتب الخمسة هي مجرّد عيّنة للعديد من الدراسات الإسلاميّة المُعاصرة والدفاعيّة ضد المسيحيّة–وكلها تستخدم اسم يسوع بشكلٍ صريح.

[23] إنجيل برنابا، ترجمة خليل سعادة، تحرير محمد رشيد رضا (القاهرة: مكتبة المنار، 1325/1907).

[24] تأمل في الكلمة العاميّة للمرأة في لبنان، مَرَا. ستسمعها كثيرًا في شوارع لبنان. ثم استقل طائرة لمدة ساعة واحدة لتصل إلى مصر، وحاول هناك أن تنادي أي امرأة باسم “مرا”. ربما لن تردي أن تفعل ذلك، لأن ذات الكلمة العربيّة في سياق آخر تحمل دلالة مختلفة وغير سارة. إذا استخدمت هذه الكلمة في مصر، فإن الصفعة التي ستتلقاها ستكون جديرة بتذكيرك بأن الكلمات ليست مُحايدة، وأن لها عواقب.

Comments are closed.